نضال وخلود.. زواج مدني يثير جدلا في لبنان

الحب لا يعرف حدود الطوائف والديانات
01-25-2013 04:13 AM
بيروت - عندما قرر نضال درويش وخلود سكرية عقد زواج مدني ممنوع في لبنان، لم يكونا يعلمان انهما سيثيران جدلا لا ينتهي حول هذه المسالة التي يطالب بها ناشطون مدنيون منذ عقود ويحظرها البلد ذو النظام السياسي الطائفي والذي ترعى قانون الاحوال الشخصية فيه الطوائف المتعددة.
ومنذ الاحد الماضي، دخل رئيس الجمهورية ميشال سليمان على خط الجدل ليعلن تأييده لاقرار قانون للزواج المدني في لبنان عبر حسابه على موقع "تويتر" وصفحته على موقع "فيسبوك"، فحصد خلال ايام نحو ثمانية آلاف تأييد (لايك)، لكن ايضا الكثير من الانتقادات في بلد لا تزال فئات واسعة منه محافظة، فيما تعول اوساط اخرى على العصب الطائفي لتحقيق نقاط سياسية.
وقالت الشابة خلود "بالنسبة الينا، الزواج لا يتعلق بالارتباط بين شخصين فحسب، انه مسالة تعني كل لبنان، لانها ترسي الحجر الاساس لنظام غير طائفي. اذا كان زواجنا مدنيا، فهذا يعني اننا نتمتع بحقوقنا كمواطنين، وليس كابناء او بنات الطوائف".
وليس ثمة قانون للزواج المدني في لبنان. لكن خلود ونضال المسلمين ولكن من مذهبين مختلفين، ارادا تحدي هذا الحظر، فتقدما من سجل النفوس واقدما على شطب مذهبيهما، وهي مسألة بات في امكان اللبنانيين القيام بها بعد اقرار قانون بهذا المعنى العام 2011.
ثم اوكلا ملفهما الى محام كون ملفا قانونيا بعد الاستناد الى مرسوم صادر العام 1936 خلال فترة الانتداب الفرنسي يؤكد حقوق الافراد، وفيه اشارة الى الزواج المدني الفرنسي.
وبموجب هذا الاجتهاد القانوني، اعتبر المحامي ان خلود ونضال اللذين لا مذهب لهما، من حقهما التزوج مدنيا.
ووقع الحبيبان عقد زواج مدني في منزل خلود العائلي وشهد لهما شقيقها، وقدما ملفهما الى وزارة الداخلية طالبين توقيعها.
وما ان اعلن نضال وخلود خطوتهما، حتى حصلت موجة تعاطف واسع منهما في وسائل الاعلام ولا سيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت.
واعطى هذا الاعلان دفعا لمنظمات المجتمع المدني التي تناضل منذ زمن من اجل اقرار قانون للزواج المدني.
بعد ايام، دعا رئيس الجمهورية على صفحته على "فيسبوك" وحسابه على "تويتر" اللبنانيين الى ابداء الراي في مسالة الزواج المدني، وكتب "يجب أن نعمل على قوننة عقد الزواج المدني. فهي خطوة من خطوات إلغاء الطائفية وتعزيز العيش المشترك".
وحظي التعليق بتعليقات كثيرة مؤيدة بينها لناشطين في المجتمع المدني وفنانين معروفين. وقال نزار مجد "نحن معك... لسنا على استعداد أن نكمل بحياتنا مسيرين من قبل رؤساء المذاهب".
وقالت ماري بشعلاني "لازم يكون في زواج مدني بلبنان تا نرتاح من الطائفية اللي بتهدم وما بتبني وطن".
لكن كثيرين ايضا تركوا تعليقات سلبية على صفحة الرئيس، مثل قول احدهم "الزواج المدني مخالف للشريعة الاسلامية"، وقول آخر "الهدف من الزواج المدني تذويب مسيحيي الشرق".
وكان رئيس الجمهورية الاسبق الياس الهراوي طرح العام 1998 اقرار قانون "الزواج المدني الاختياري" في لبنان، لكن المشروع لم يجد طريقه الى الاقرار في البرلمان بسبب حملة شرسة شنت عليه لا سيما من المرجعيات الدينية.
وتنظم كل طائفة من طوائف لبنان الـ18 احوال افرادها الشخصية.
وغالبا ما يتعرض الراغبون بالزواج من مذهبين مختلفين لضغوط اجتماعية. ورغم ذلك، تكثر الزيجات بين اشخاص من طوائف مختلفة.
ويعمد احد الشريكين احيانا الى تغيير مذهبه ليتمكن من عقد زواج مدني، او ينتقل الشريكان الى بلد آخر، وغالبا الى قبرص المجاورة، لعقد زواج مدني يعترف به القانون اللبناني متى عقد في الخارج.
لكن خلود ونضال ارادا ان يسجلا سابقة في بلدهما.
ويقول نضال "نحن نريد الاتجاه نحو شيء اسمه لبنان الوطن. يتهموننا بالكفر وهذا غير جائز في المسيحية والاسلام لأننا لا نقوم بشيء خارج عن الدين".
ويضيف "'بالعربي'، اسمها حرية عدم التصريح عن الدين. انا لا اريد ان اذكر ما هو ديني لكن ذلك لا يعني انني لست مؤمنا".
ويلوم نضال وخلود النظام الطائفي لا رجال الدين، معتبرين ان رجال السياسة يلعبون على الوتر الطائفي للحفاظ على مكاسبهم السياسية.
وتقول خلود "هؤلاء السياسيون هم نواب عن النظام الطائفي، وبالتالي، فان الزواج المدني يهدد وجودهم".
وتقول المحامية اوغاريت يونان التي تراس الجمعية اللبنانية للحقوق المدنية "رغم ان مبادرة خلود ونضال شجاعة جدا، لكنها ليست قانونية".
وتقدمت الجمعية بمسودة مشروع قانون الى مجلس النواب حول اقرار الزواج المدني.
وتقول يونان "قمنا بحملة كبيرة لاعطاء دفع لهذا المشروع، لكن للمرة الاولى، نشعر بان لدينا فرصة لتحقيق هدفنا".
وتضيف "هناك رجال دين وسياسيون يدعموننا".
الا ان رفضا قاطعا للبحث في المشروع صدر الاربعاء من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي نقل عنه قوله في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، ان "الجدل حول الزواج المدني لا طائل منه"، مشيرا الى انه لن يعرض هذا الموضوع على النقاش خلال فترة توليه رئاسة الحكومة.
وفي اوساط المجتمع المدني وبين داعمي خلود ونضال، الحماسة مستمرة. وتقول خلود ان بعض الناشطين عرضوا عليهما تنظيم احتفال كبير لهما في وسط بيروت، ما يشكل دفعا للحملة من اجل الزواج المدني.
اما عن المستقبل والاولاد فتقول خلود "سنترك لهم ان يبحثوا ويتعلموا، ويختاروا ما يريدون".
No comments:
Post a Comment